كتاب: دراسة حول فن الطبخ المغربي لمؤلفه صالح شكور
ينبع الطبخ المغربي من معرفة وحضارة كبيرة، إذ يشكل هذا الطبخ إحدى مكامن القوة السياحية
ولمناطقنا كما يعد الوسيلة الأنجع لإبراز إرثنا ألثقافي وتوطيده. وتقع علينا جميعا مسؤولية الحفاظ عليه وتلقينه
.لأبنائنا لأن في ذلك ضمانا لأصالتنا، ولذلك ينبغي علينا أن نسوقه تسويقا جيدا ونعمل على تنظيمه بغية الاستجابة لانتظارات الزبناء المحتملين لسياحتنا. لهذا فإن جودته رهينة بتسويق عال الجودة
وهذا الكتاب الذي نحن بصدده هدفه التعريف بهذا الموروث التفافي
مقدمة
ليس من قبيل الصدفة أن تقدم المملكة المغربية فسيفساء من الأطباق الغنية واللذيذة، فذلك راجع لموقعها المتميز في ملتقى طرق الثقافات والحضارات منذ العصور القديمة.
إن المغرب ذواق بأصالته وبوصفاته التي تعكس تاريخه العريق والغني بالتقاليد، فضلا عن خصوصيات كل منطقة من مناطقه. فالمملكة المغربية تكتنز أسرارا ذوقية عميقة هي ثمرة دراية توارثتها كابرا عن كابر، والتي تعتبر مرآة للتراث المحلي. ويعد الطبخ فنا يعكس درجة تحضر أي بلد، لأن العادات الغذائية لكل شعب ترتبط ارتباطا وثيقا بجغرافية المنطقة التي يتموقع فيها. ويعكس الطبخ المغربي، البدوي والفخم، تلك المراوحة بين التقشف والرخاء والخشونة والنعومة والاعتدال والإفراط التي تقدمها جباله وسهوله وبحاره وبحيراته.
وهكذا فإن الأمور تسري بترابط منطقي، فقمم الجبال تولد جداول وبحيرات تقدم لنا بدورها مجموعة متنوعة من الأسماك، وخاصة سمك السلمون المرقط اللذيذ في الأطلس وأزرو، وتملأ مراعي وسهول سوس ودكالة والغرب وتادلة وأزيلال وغيرُها ضروع الأبقار بالحليب الغني والدسم، وهذا ما يسمح بتنوع وثراء الطبخ المغربي، كما تعد الفلاحة التي تجود بمختلف أصناف الخضر والفواكه مصدرا من مصادر غناه. إن هذا الطبخ يشهد على تنوع الثقافات والحضارات التي تزخر بها المملكة، وذلك بفضل موقعها المميز، فهي بوابة أوروبا وإفريقيا وصلة الوصل بين الشرق والغرب، ولم تزد الإثنيات المتعددة التي جاءت بكثافة إلى المغرب الأقصى منذ فجر التاريخ ثقافته وتاريخه وتراثه المطبخي إلا غنى وثراء.
ويعتبر الطبخ المغربي طبخا أمازيغيا وعربيا ويهوديا ومسيحيا في الوقت نفسه، فهو مزيج حقيقي من خبرات لا مثيل لها، ما يجعل منه أحد أفضل مطابخ العالم على غرار المطبخ الفرنسي والآسيوي والإيطالي …
ويضم هذا الكتاب مقالات أنجزت على مدى سنوات حسب ظروف وسياقات محددة، كما يعد هذا العمل ثمرة حوارات مع الجدات اللاتي عشن تاريخا غنيا من الثقافات والأحداث، واللاتي مارسن الطبخ في بيوت الأعيان.
وقد خرجت من ذلك بخلاصة مفادها أن فن الطبخ هو تراث حي تتوارثه البنات عن أمهاتهن، ما يدل بشكل لا يدع مجالا للشك على أن كل عائلة تمتلك وصفات خاصة بها، وأن كل أم تكتنز أسرارا من فن الطبخ تنقلها لبناتها.
ويستند محتوى هذا الكتاب في أغلب الأحيان على حكايات الجدات الطباخات اللاتي يتقن بحنكة أسرار فنون الطهو. وتعتبر هؤلاء السيدات موسوعة طبخ لا غنى عنها، وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان تدوين هذا الفن المطبخي قبل أن يأفل مع مرور الوقت بأفول السيدات اللواتي يحملن أسراره.
وينم هذا الطبخ كذلك عن احتفالية في التقديم تختلف باختلاف المناسبات، من وجبات رسمية ووجبات العيد ووجبات حفلات الزفاف والخطوبة وغيرها. ومن الواضح أن كل مناسبة تمتاز بتقاليدها الخاصة وطرق تقديم الخدمة فيها، وتقدم الوجبات بطرق مختلفة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
يتم الاستقبال بالشاي بالنعناع والحلوى، إذ يعد هذا التقليد رمزا بالغ الدلالة لدى الأسر المغربية؛
تقدم الوجبات عادة بوضع طبق في منتصف المائدة (طبق واحد وسط المائدة يأكل منه الجميع بأيديهم خلال الوجبات اليومية)؛
بالنسبة للوجبات الرسمية فإن الموائد تعد بشكل لائق، إذ تغطى بأغطية المائدة مع ترتيب أدواتها ومناديلها، وتوضع الصحون على المائدة واحدا فوق الآخر أمام كل ضيف بحسب الأطباق المزمع تقديمها. وتوضع السلطات على المائدة في صحون صغيرة بحيث يقوم الضيوف بخدمة أنفسهم، ويوضع طبق المقبلات في وسط المائدة بحيث يمكنهم خدمة أنفسهم أو تناول الطعام مباشرة من الطبق. ويقوم الخبز مقام الشوكة في بعض الأحيان.
يقدم الطبق الرئيسي بنفس الطريقة.
بالنسبة للكسكس، يتم توفير ملاعق كما يمكن الأكل مباشرة من الطبق (القصرية أو تقديمه في طبقه الخاص).
بعد الخُتمة، يغسل الضيوف أيديهم على الطريقة المغربية أو تقدم لكل واحد منهم منشفة مبللة بالماء الساخن ومعطرة بماء الزهر …
يتم إتباع الخُتمة عادة بتقديم الشاي مع الحلوى.
إن الحديث عن الطبخ المغربي و إيقاعاته ومراسيمه هو استحضار لثقافة عظيمة وحضارة قديمة ميزت أهل هذا البلد منذ أمد بعيد، انطلاقا من الأمازيغ إلى اليهود ثم العرب المسلمين، ناهيك عن مختلف المستوطنين الذين خلفت حضاراتهم آثارا تاريخية هامة جعلت هذا الطبخ غنيا ومتنوعا.
ويلعب الموقع الجغرافي للبلد وغناه بالمنتجات الفلاحية والسمكية والثروة الحيوانية دورا أساسيا في صنع هذا الفن المطبخي.
أدعوكم في الفصل الموالي إلى التفكر في أهمية هذا الفن المطبخي ودوره في الحفاظ على هوية الأمم وأصالتها، لأن المهارات الحياتية والخبرة العملية هما السبيلان الأمثلان للتعرف على ثقافتها وحضارتها. والحقيقة أن فن الطبخ يعد شاهدا على ماض عريق جدير بالاهتمام لدى المجتمعات المغربية،ولأن فن الطبخ يمس جميع الجوانب فإنه يعد مرآة حقيقية تعكس ثقافات أجدادنا.
فهرس
تقديم. …………….……………………………………………………………..4
كلمة رئيس الفيدرالية الوطنية للسياحة…………………………………………..…..6
تمهيد………………………………………….……………………….…………………....7
تقديم الترجمة………..…………………………………………………….………………...9
الفصل الأول : فن الطبخ المغربي
فن الطبخ المغربي ثقافة غنية و تاريخ متنوع……………………..……….…..…..….12
تطوير سياحتنا رهين بحماية هويتنا و أصالتنا……….………………………….…….14
الطبخ الجيد رمز حضارة راقية و ثقافة عريقة…………….………………………...15
الطبخ المغربي فسيفساء من التقاليد و الثقافات………………………….……. ….16
طبخ غني بتأثيراته…………………….………………………….…………..…..17
نبدة تاريخية عن الكسكس…………….……………………….……….……..…18
الكسكس الأمازيغي المعد بسميد الشعير والخضر…….……………….……..…20
العائلات المغربية على مائدة الطعام………………………....………….22
طبخ جداتنا يشكل فن الطبخ المحلي……………………….…………….26
وصفات معدة بالتمر……………………………………………………31
علم التغذية……………………………..……………………….…….53
الطبخ والدين…………………………………………………...……..59
الطبخ المغربي فن غني و متنوع يخلق التمايز بين المناطق………..….61
مغرب ذواق من منظور تراثه المطبخي………………………………..64
الطنجية المراكشية…………………………………………………….70
تاكرا………………………………………………………………….71
الطاجين المقفول بلحم الخروف………..…………………………….74
الطخ الجهوي المحلي : التريد أو الرفيسة بالدجاج البلدي……………76
الطبخ اليهودي فن طبخ غني ومتنوع………………..………………79
التوابل : وسيلة تلذيذ الطعام في الطبخ المغربي……………………..83
الطبخ الجيد يشبه لوحة فنية جميلة…………………………..……..85
فن الطبخ في خدمة الطب…………………………………...………86
أثر التغذية على نفسية الإنسان……………………………....…….88
الطبخ المحلي لتافيلالت…………………………………......……..90
تمور منطقة تافيلالت……………………..………….…….....…..95
فاس مهد الطبخ الإفريقي…………………………………………..96
أصول البسطيلة……………………………………………...…….97
الطبخ الجيد يشبه ذوق الإنسان وروحه…………………………..100
الوجبات البطيئة تشجع على العودة إلى الطعام الجيد……………..101
الإحساس بالراحة رهين بالحفاظ على صحة الجسم…………………………………………………….….…….....102
الحمية الغذائية علم وقائي ودقيق……………………….…………104
الأمن الاقتصادي أمر ضروري لعالم أفضل………………………..108
السلامة الغذائية شرط أساسي لتنمية السياحة…………………….109
حوار أعده لامان إبراهيم ، طالب في السلك الثاني في المعهد العالي الدولي للسياحة في طنجة….110
وتيرة الوجبات ومكوناتها : أفضل معالج للجسم…………………….114
القائمة الصغيرة للمأكولات……………………………………..….116
مقترح لقائمة الوجبات للشخصيات المهمة…………………….…..119
مقترحات بقائمة الطعام : أطباق مغربية مع بطاقات تقنية…....……121
مقتطف من الوصفات………………………………….……..….127
تراث فن الطبخ المغربي ضمان لتطور سياحته الثقافية………….150
الطبخ علم دقيق…………………………………….….………156
ضرورة إحداث أكاديمية وطنية ل…………………………157
خاتمة……………………………..…………………....……159
ملحق……………………………….……………………………………160
الفصل الثاني : مقالات حول علم التغذية
تقديم……………………………………………………...……………...165
تمهيد………………………………………….…………..………….….166
مقدمة عامة في علم التغذية…………………………….………….….....167
عموميات حول الوقاية……………………………………………………..174
الوقاية الجسمية…………………………… …………….………….……176
صحة مختلف أجزاء الجسم ووقايتها………………………….………….…180
نظافة الملابس………………………………..………………………….…184
النشاط البدني الصحي…………………………………...…..………………188
الوقاية الغذائية……………………………………………...……………….192
محتوى المواد الغذائيمن الوحدات الحرارية………….…………………..198
السلامة الصحية للسكن…………………………………………………….….205
الوقاية من الأمراض الذهنية والنفسية………………………………………….207
الوقاية الصحية العامة………………..……………………………………..…208
التوجيهات اللازم اتباعها من قبل شعبة المطعمة………………..………..…….214
الأستاذ صلاح شكور
كاتب متخصص في مجال السياحة، مدير شركة تدبير خدمات سياحية (EGS)، خبير في هندسة التكوين، خبير ومستشار في مجال السياحة، رئيس الجمعية المغربية لخبراء وعلماء السياحة عضو الجمعية العالمية للتكوين الفندقي والسياحي (AMFORTH) والفيدرالية الدولية للصحفيين والكتاب في مجال السياحة (FIJET)، صاحب عدة مؤلفات ومقالات حول الطعامة والتغذية.
خريج المعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة ومتحصل على ماستر في هندسة السياحة من جامعة تولوز. عمل بالعديد من الفنادق المغربية، وشغل منصب مدير معهد التكنولوجيا الفندقية والسياحية (ITHT) بكل من أرفود ووارزازات وطنجة، كما درس في عدة معاهد ومدارس متخصصة في السياحة. يتحدث ست لغات ويمارس نشاطات جمعوية متعددة.